صعود الدبلوماسية التكنولوجية: الذكاء الاصطناعي كسلاح سياسي جديد

في زمن القوة الخوارزمية… لم يعد من يملك السلاح هو الأقوى، بل من يكتب الكود

صعود الدبلوماسية التكنولوجية: الذكاء الاصطناعي كسلاح سياسي جديد

يشهد العالم اليوم تحوّلًا جذريًا:القوة لم تعد جيشًا وسلاحًا فقط، بل خوارزميات تُشكّل الوعي العام وتعيد ترتيب ميزان النفوذ الدولي.فقد وصل الإنفاق العالمي على الذكاء الاصطناعي في عام 2022 إلى 92 مليار دولار، استحوذت الولايات المتحدة وحدها على 44 مليار يورو، مقابل 12 مليارًا للصين، و10.2 مليارات فقط لأوروبا والمملكة المتحدة.هذه الفجوة المالية ليست مجرد أرقام، بل هي خريطة نفوذ جديدة تُرسم عبر البيانات والمنصات الرقمية.

تُظهر الدراسة كيف تحوّل الذكاء الاصطناعي إلى قوة خوارزمية تتجاوز الحدود والسياسات.فخوارزمية واحدة على TikTok خلال الانتخابات الكينية عام 2022 ضخت 130 فيديو تحريضي وصل إلى أكثر من 4 ملايين مشاهدة—من دون تدخل بشري مباشر أو عملية سياسية مخططة.مجرد خوارزمية…تغيّر رأيًا عامًا في دولة كاملة.

هذه القوة الخفية جعلت الشركات التقنية الكبرى—وليس الدول فقط—لاعبًا جيوسياسيًا بامتياز، ينافس السفراء ووزارات الخارجية في التأثير على الرأي العام العالمي.

الدراسة توضّح أن الولايات المتحدة تقود السباق بفضل شركاتها العملاقة:OpenAI، Microsoft، Google، Amazon…وهي تستخدم هذا التفوق لفرض“معايير”تقنية تصبح واقعًا عالميًا.حتى العقوبات باتت تكنولوجية؛ فقيود واشنطن على شرائح NVIDIA المتقدمة أعاقت صعود الصين في بعض المسارات الحرجة.

في المقابل، تبني الصين نموذجًا سلطويًا للذكاء الاصطناعي، تعتمد فيه على أكبر شبكة مراقبة في العالم تضم 560 مليون كاميرا.كما تصدّر هذه المنظومات إلى 83 دولة، وتبيع أنظمة المدن الذكية الأمنية إلى 16 دولة إفريقية، ما يجعل نفوذها الرقمي يمتد إلى ما هو أبعد من الاقتصاد إلى الأمن والسيادة.

أما الدول الصاعدة—مثل السعودية والإمارات والهند وتركيا—فتخوض سباقًا مختلفًا:تقليل التبعية وبناء سيادة تقنية.السعودية تضخ استثمارات تتطلع إلى إنشاء صندوق بقيمة 40 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي.الإمارات تبني واحدة من أقوى السحابات السيادية في المنطقة، وتطوّر نماذج عربية مفتوحة مثل"فالكون"و**"نور"**.

وفي الخلفية يدور الصراع الأكبر:من سيكتب المعايير الدولية؟
فالمعايير اليوم أصبحت أهم من التكنولوجيا نفسها.من يضع قواعد الشفافية، الخصوصية، ومعايير الأمان…يملك السلطة الحقيقية على مستقبل الذكاء الاصطناعي.الاتحاد الأوروبي يحاول قيادة هذا المسار عبر قانون AI Act، بينما تدفع الصين نحو“سيادة البيانات”، وتفضل الولايات المتحدة نموذجًا طوعيًا بقيادة الشركات.

الدراسة تحذر من أن فشل العالم في الاتفاق على معايير مشتركة قد يقود إلى انقسام رقمي عالمي:
نظام ذكاء اصطناعي ليبرالي مفتوح، وآخر سلطوي مغلق…تمامًا كما حدث سابقًا مع الستار الحديدي، لكن هذه المرة في الفضاء الرقمي.

وتخلص الدراسة إلى أن الذكاء الاصطناعي لم يعد أداة سياسية تُستخدم ضمن أدوات القوة، بل أصبح البنية الأساسية التي تُعاد عبرها كتابة قوانين النفوذ الدولي.ومن يملك المعايير والبنى الرقمية سيتحكم بموازين القوة لعقود قادمة.


للاطّلاع على الفيديو وقراءة الورقة التحليلية الكاملة، يُرجى التمرير إلى الأسفل.
 

الوسائط والمرفقات

الفيديوهات (1)
التحميلات
صعود الدبلوماسية التكنولوجية- الذكاء الاصطناعي كسلاح سياسي جديد.pdf
352.9 KB